حكى ابن المنذر - رحمه الله - وغيره بالإجماع على وجوبها. وقال إسحاق - رحمه الله -: ( هو كالإجماع ).
قلت: تكفي في الدلالة على وجوبها - مع القدرة في وقتها - تعبير الصحابة رضي الله عنهم بالفرض، كما صرح بذلك ابن عمر وابن عباس.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: ( فرض رسول الله زكاة الفطر.. ) الحديث، وبنحوه عبر غيره رضي الله عنهم.
المقدار الواجب في الفطرة
ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي : { فرض زكاة الفطر صاعاً } والمراد به: صاع النبي وهو أربعة أمداد. والمد: ملء كفيّ الرجل المتوسط اليدين من البرّ الجيد ونحوه من الحب وهو كيلوان ونصف على وجه التقريب، وما زاد على القدر ينويه من الصدقة العامة، وقد قال الله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره .
وقت إخراج الزكاة
لإخراج زكاة الفطر وقتان:
الأول: وقت فضيلة ويبدأ من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد وأفضله ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد، لما ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: { فرض رسول الله زكاة الفطر.. } الحديث. وفيه قال: { وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة }. وتقدم تفسير بعض السلف لقوله تعالى: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى أنه الرجل يقدم زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته.
والثاني: وقت إجزاء: وهو قبل يوم العيد بيوم أو يومين لما في صحيح البخاري - رحمه الله - قال: ( وكانوا - يعني الصحابة - يعطون - أي المساكين - قبل الفطر بيوم أو يومين ). فكان إجماعاً منهم. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما: { فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات } [رواه أبو داود وغيره].
قال ابن القيم - رحمه الله -: ( مقتضاه أنه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد ). قلت: يعني من غير عذر وأنها تفوت بالفراغ من الصلاة.
وقال شيخ الإسلام: ( إن أخرها بعد صلاة العيد فهي قضاء، ولا تسقط بخروج الوقت ).
وقال غيره: ( اتفق الفقهاء على أنها لا تسقط عمن وجبت عليه بتأخيرها، وهي دين عليه حتى يؤديها، وأن تأخيرها عن يوم العيد حرام ويقضيها آثماً إجماعاً إذا أخرها عمداً ).