لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً
لنسبح قليلا في ظلال هذه الآية..
يا ترى كم هي الأقدار التي تألّمنا لها وقت نزولها، وجَرَت لها دموعنا، ورُفعت في طلبها أيدينا؟ ولكن يا ترى هل كان لدينا نور هذه الآية {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}؟
... حينما نحزن لفقد قريب أو مرض حبيب أو فوات نعمة أو نزول نقمة, قد ننسى أو نجهل أنه قد يكون وراء تلك الأزمة؛ منحة ربانية، وعطية إلهية.
نعم..{لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}..
تلك الأم التي فقدت بر أبنائها, وتألمت لعقوقهم.. نقول لها {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.. فلعل الله أن يهديهم ويشرح صدورهم ويأتي بهم لكي يكونوا بك بررة وخداماً, فافتحي يا أمّنا باب الأمل وحسن الظن بالرب الرحيم،الرؤوف الودود.
هناك خلف القضبان يرقد علماء ودعاة وأحباب وأولياء, والقلب يحزن والعين تدمع لحالهم, ولكن مع ذلك نقول: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.. فلعلّ الله أن يمنحهم في خلوتهم "حلاوة الأنس به، ولذة الانقطاع إليه"، ولعل ما وجدوا خيرٌ مما فقدوا, وهذا ابن تيمية الذي نزل السجون يصرح بأنه وجد فيها من الأنس ما لو كان لديه ملء مكانه ذهباً لما وفى حق من تسبّبوا له بذلك
في المستشفيات مرضى طال بهم المقام, وأحاطت بهم وبأقاربهم الأحزان, فلكل واحد منهم نقول: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.. فلعلّ الصبر رَفَعَ الدرجات في جنان الخلد, ولعلّ الرضا أوجب لك محبة الرحمن, ولعلّ الشفاء قد قرب وقته وحان موعده.
والجولات تطول لتفاصيل حياة الناس الذين يحتاجون إلى التذكير بهذه الآية العظيمة {لَا تَدْرِي لَعَلَّ الله يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}.
فالله الله في تربية النفس على الرضا بالأقدار, والنظر للحياة من زاوية الأمل, والاعتقاد بأن الأيام القادمة تحمل معها ألواناً من السعادة والفرح والبهجة والأرزاق.